الأربعاء، 2 ديسمبر 2015

(إن غداً لناظره قريب)

قصة المثل العربي :(إن غداً لناظره قريب)
.......................................................
معنى المثل :
((لمنتظره يُقال نظرته أي انتظرته ))
....................................................
قال الميداني في كتابه (مُجمع الأمثال ):
"أول من قال ذلك قراد بن أجدع و ذلك أن النعمان بن المنذر خرج يتصيد على فرسه اليحموم ،فأجراه على أثر عير فذهب به الفرس في الأرض ،ولم يقدر عليه ،وانفرد عن أصحابه ،وأخذته السماء ،فطلب ملجأ يلجأ إليه ،فدفع إلى بناء فإذا فيه رجل من طيء .
يُقال له ((حنظلة)) ومعه امرأة له .
فقال لهما :"هل من مأوى"
فقال حنظلة:" نعم ".
فخرج إليه فأنزله ،ولم يكن للطائي غير شاة ،وهو لا يعرف النعمان .
فقال لامرأته :"أرى رجلا ذا هيئة وما أخلقه أن يكون شريفا خطيرا فما الحيلة؟"
قالت :"عندي شيء من طحين كنت ادخرته فاذبح الشاة لأتخذ من الطحين ملة".
فأخرجت المرأة الدقيق فخبزت منه ملة ،وقام الطائي إلى شاته فاحتلبها ثم ذبحها فاتخذ من لحمها مرقة مضيرة ،وأطعمه من لحمها وسقاه من لبنها واحتال له شرابا فسقاه ، وجعل يحدثه بقية ليلته .
فلما أصبح النعمان لبس ثيابه وركب فرسه ثم قال :
"يا أخا طيء اطلب ثوابك أنا الملك النعمان".
قال :"أفعل إن شاء الله ".
ثم لحق الخيل فمضى نحو الحيرة ومكث الطائي بعد ذلك زمانا حتى أصابته نكبة وجهد وساءت حاله، فقالت له امرأته:
" لو أتيت الملك لأحسن إليك ".
فأقبل حتى انتهى إلى الحيرة فوافق يوم بؤس النعمان ((كان للنعمان يومان يوم للنعيم يكرم فيه من يلقاه ويوم البؤس يقتل فيه من يلقاه )).
فلما نظر إليه النعمان عرفه وساءه مكانه فوقف الطائي المنزول به بين يدي النعمان .
فقال له:" أنت الطائي المنزول به".
قال:" نعم".
قال:" أفلا جئت في غير هذا اليوم".
قال :"أبيت اللعن وما كان علمي بهذا اليوم ".
قال :"والله لو سنح لي في هذا اليوم قابوس ابني لم أجد بدا من قتله فاطلب حاجتك من الدنيا وسل ما بدا لك فإنك مقتول".
قال :"أبيت اللعن وما أصنع بالدنيا بعد نفسي".
قال النعمان :"إنه لا سبيل إليها".
قال :"فإن كان لا بد فأجلني حتى ألم بأهلي فأوصي إليهم وأهيء حالهم ثم أنصرف إليك ".
قال النعمان :"فأقم لي كفيلا بموافاتك ".
فالتفت الطائي إلى شُريك بن عمرو بن قيس من بني شيبان وكان يكنى أبا الحوفزان وكان صاحب الردافة وهو واقف بجنب النعمان.
فقال له :"يا شريكا يا ابن عمرو هل من الموت محالة؟! يا أخا كل مضاف يا أخا من لا أخا له يا أخا النعمان فك اليوم ضيفا قد أتى له طالما عالج كرب الموت لا ينعم باله".
فأبى شريك أن يتكفل به فوثب إليه رجل من كلب ،يُقال له ((قراد بن أجدع ))
فقال للنعمان :"أبيت اللعن هو علي".
قال النعمان:" أفعلت؟!"
قال :"نعم ".
فضمنه إياه ثم أمر للطائي بخمسمائة ناقة فمضى الطائي إلى أهله وجعل الأجل حولا من يومه ذلك إلى مثل ذلك اليوم فلما حال عليه الحول وبقي من الأجل يوم .
:"قال النعمان لقراد ما أراك إلا هالكا غدا ".
فقال قراد:" فإن يك صدر هذا اليوم ولى((مضى)) فإن غدا لناظره قريب!!"
فلما أصبح النعمان ركب في خيله ورجله متسلحا كما كان يفعل حتى أتى الغريين فوقف بينهما وأخرج معه قرادا وأمر بقتله،
فقال له وزراؤه :" ليس لك أن تقتله حتى يستوفي يومه"
فتركه وكان النعمان يشتهي أن يقتل قرادا ليفلت الطائي من القتل فلما كادت الشمس تجب ،وقراد قائم مجرد في إزار على النطع والسياف إلى جنبه أقبلت امرأته وهي تقول:
أيا عين بكى لي قراد بن أجدعا..... .......رهينا لقتل لا رهينا مودعا
أتته المنايا بغتة دون قومه فأمسى........ أسيرا حاضر البيت أضرعا
فبينما اهم كذلك إذ رفع لهم شخص من بعيد، وقد أمر النعمان بقتل قراد فقيل له:" ليس لك أن تقتله حتى يأتيك الشخص فتعلم من هو".
فكف حتى انتهى إليهم الرجل فإذا هو الطائي، فلما نظر إليه النعمان شق عليه مجيئه .
فقال له:" ما حملك على الرجوع بعد إفلاتك من القتل".
قال:" الوفاء".
قال:" وما دعاك إلى الوفاء؟!!".
قال :"ديني "
قال النعمان :"وما دينك؟"
قال:" النصرانية"
قال النعمان:" فاعرضها عليّ".
فعرضها عليه فتنّصر النعمان وأهل الحيرة أجمعون وكان قبل ذلك على دين العرب (الشرك) فترك القتل منذ ذلك اليوم وأبطل تلك السنة وأمر بهدم الغريي وعفا عن قراد والطائي وقال والله ما أدري أيها أوفى وأكرم أهذا الذي نجا من القتل فعاد أم هذا الذي ضمنه .
-----------------------------
هذا المثل نموذج للوفاء بالوعود و نموذج للثقة و نموذج للدعوة إلى الأديان من خلال التعامل الحسن مع الأخرين .

ساعات بين الكتب

مقالة من كتاب :
حكى العقاد فى كتابه ( ساعات بين الكتب ) فى مقالة بعنوان (قراءة القواميس ) عن رجل كان صاحب رأى فى الدين ، فقد كان ينكر الأئمة الأربعة ، ويكتفى بالقرآن وحده ، حتى أطلق الناس عليه ( الخامسىي) لأنه يجىء بعد الأئمة الأربعة بمذهب فى الدين يتبعه ويدعو إليه ، وكان المُدهش فى هذا الرجل قدرته العجيبة على استحضار الكلمات بحروفها وألفاظها دون المعانى ،وكان يعتقد أنه ما من شىء فى الدنيا إلا وقد ورد فى القرآن بحرفه و نصه ،وكان العقاد فى صباه يداعبه مع أصدقائه ،(( ومن ذلك :"سئلنا الشيخ ذات مرة هل ذُكرت (النِكلة ) فى القرآن ؟" فقال الشيخ :" أجل ! في قوله تعالى :" فأخذه الله نكال الدنيا والآخرة ".
ولقيناه ذات مرة على شاطىء النيل وفيه باخرة راسية لشركة (كوك) فقلنا له : (الآن يتبين الحق من الباطل يا عم ، هل ورد ذكر لكوك فى القرآن ؟" فسكت الرجل قليلا ، وقال : وكيف لا ؟! ورفع صوته وجعل يُشير إلى الباخرة ، ويكرر الإشارة إليها كأنما يطعن الهواء بأصبعه ، وهو يقول : إن الله تعالى قال فى كتابه المُنزل على نبيه المُرسل :" وتركوك قائما " ونطق بها وهو يُشير إلى الباخرة :" وترى كوك قائما ".

وسأله بعضهم :" أين الشكولاته فى القرآن ياعم فلان ؟"
قال : فى قوله " كل يعمل على شاكلته " "

العقاد أراد بسرِد هذه الحكاية أن المرء قد يكون بارعا فى الحفظ ، ولكنه لا يفهم ما يحفظه ،فهذا الشيخ عزل نفسه عن تفاسير القرآن ورأى فى نفسه البراعة والقدرة على تفسيره وهو فى حقيقة الأمر جاهل بمعانى القرآن.

الثلاثاء، 1 ديسمبر 2015

أذكي من إياس بن معاوية

أذكي من إياس بن معاوية:
...............................
وُلِد إياسُ بن معاوية بن قُرِّةَ المزني سنة 46 للهجرة في منطقة اليمامة في نجد، وانتقل مع أسرته إلى البصرة، وبها نشأ وتعلَّم، وتردَّد على دمشق في يفاعته، وتعلم على يد من أدركهم من الصحابة الكرام وجُلَّة التابعين، ولقد ظهرت على الغلام المزني أماراتُ الذكاء منذ نعومة أظفاره، وأكبَّ هذا الفتى على العلم، ونهل منه ما شاء اللهُ أن ينهل، وشاعت أخبارُ ذكاء إياس، وذاعت وصار الناسُ يأتونه من كل حدب وصوب، ويلقون بين يديه ما يعترضهم من مشكلات في العلم والدين.

و من المواقف التي دلت على ذكاءه :
1-لما ولِيَ القضاءَ جاءه رجلان يتقاضيان عنده، فادَّعى أحدُهما أنه أودع عند صاحبه مالا، فلما طلبه منه جحده، فسأل إياسُ الرجلَ المدَّعَى عليه عن أمر الوديعة فأنكرها، وقال : "إن كانت لصاحبي بيِّنة فليأتِ بها، وإلا فليس له عليَّ إلا اليمين، لا يوجد بيِّنة"؛ فلما خاف إياسٌ أن يأكل الرجلُ المالَ بيمينه التفت إلى المودِع، وقال له : "في أيِّ مكان أودعته المالَ ؟" أي أعطيته.
قال : "في مكان كذا".
قال : "و ماذا يوجد في ذلك المكان ؟".
قال : "شجرة كبيرة جلسنا تحتها، وتناولنا الطعام معًا في ظلِّها، ولما هممنا بالانصراف دفعتُ إليه المالَ".
فقال له إياسٌ : "انطلِق إلى المكان الذي فيه الشجرة فلعلَّك إذا أتيتها ذكَّرتك أين وضعت مالك، ونبَّهتْك إلى ما فعلته به" ؛ فجعل المدَّعي يذهب إلى الشجرة، و أوهمَ المتَّهم أنه بريء، اذهب أيها الرجل إلى الشجرة فلعلك نسيت المالَ هناك، هذا بريء، ثم عُد إليَّ لتخبرني بما رأيت".
فانطلق الرجل إلى المكان، وقال إياس للمدَّعى عليه : "اجلس إلى أن يجيء صاحبُك".
فجلس، ثم التفت إياس إلى من عنده من المُتقاضين، وطفق يقضي بينهم، وهو يرقب الرجل بطرفٍ خفيٍّ، حتى إذا رآه قد سكن و ارتاحت نفسُه وكأنه صار بريئا، التفت إليه وسأله على عجل : "أتقدِّر أن صاحبك قد بلغ الموضع الذي أعطاك فيه المال ؟".
قال له : "لا؛ إنه بعيد من هنا".
فقال له إياس : "يا عدوَّ الله تجحد المالَ، وتعرف المكان الذي أخذته فيه!! ".
فبُهِت الرجل، وأقرَّ بخيانته، فحبسه حتى جاء صاحبُه، وأمره بردِّ وديعته إليه.
....................................
2-أنه ذات مرة سمع نباح كلب لم يره، فقال: "هذا نباح كلب مربوط على شفير بئر"، فنظروا فكان كما قال، فقيل له: "كيف عرَفت ذلك؟"، فقال: "سمعت عند نباحه دوياًّ من مكان واحد، ثم سمعت بعده صدى يجيبه فعلمت أنه عند بئر".
................................
3-رُوِي أن دهقانا أتى مجلسه, فقال: "يا أبا وائلة، ما تقول في المسكِر؟ ".
قال: "حرام".
قال: "ما وجهُ حرمته؟ أقنعني، وهو لا يزيد عن كونه ثمرا وماءً, غُلِيا على النار فصار خمرًا، وكل ذلك مباح لا شيءَ فيه، فلماذا هو حرام؟".
فقال إياسُ: "أفرغتَ من قولك يا دهقانُ، أم بقيَ لديك ما تقوله؟".
قال: "بل فرغتُ".
قال: "لو أخذتُ كفًّا من ماء وضربتُك به, أكان يوجعك؟".
قال: "لا".
قال: "لو أخذتُ كفًّا من تراب وضربتُك به, أكان يوجعك؟".
قال: "لا".
قال: "لو أخذتُ كفًّا من تِبنْ فضربتك به, أكان يوجعك؟".
قال: "لا".
قال: "لو أخذت الترابَ، ثم طرحتُ عليه تبنا، وصببتُ فوقه الماءَ، ثم مزجتهما مزجا، ثم جعلتُ الكتلة في الشمس حتى يبست، ثم ضربتك به، أكان يوجعك؟".
قال: "وقد تقتلني به".
قال: "هكذا شأنُ الخمر، فهو حينما جُمِعَت أجزاؤه خُمِّر فأصبح حراما، كما أن الماء و التراب والتبن لو ضربتك به لا تُؤذى، أما إذا جمعتُ هذه العناصر الثلاثة، ويبَّستها في الشمس, فأصبحت كتلةً قاسية، ورميتُك به, قال: "قد تقتلني".
، قال: "هكذا الخمر" .

حروف اللغة في آية

ما الآية الكريمة التي جمعت الحروف العربية كلها ؟؟
.
.
.
.
.
.
.
.
هى الآية 29 من سورة الفتح
وسورة الفتح مدنية نزلت السورة الكريمة على رسول الله
صلى الله عليه وسلم فى الطريق عند الانصراف من الحديبية، وآياتها 29
نزلت بعد الجمعة، وهى فى الجزء السادس والعشرين.

(( مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وَجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً))  

الأحد، 29 نوفمبر 2015

الحكمة






الحكمة :
تصدر الحكمة عن شخص ذي تجارب في الحياة ، فيلخص بعبارات موجزة تجربة مر بها ، أو يدلي برأيه في أمر ما فتشتهر حكمته بين الناس .
والحكمة تختلف عن المثل ، فالحكمة أرفع شأناً من المثل، لأن المثل يمثل ثقافة عامة للشعب بجميع طبقاته بينما الحكمة تهذيب لهذه الثقافة، وهو ما جعلها وثيقة الصلة بالنبوة.
كما أن المثل أكثر انتشاراً بين الناس من الحكمة .
وغالبا لا نعرف للمثل صاحباً لإن المثل هو صوت الشعب، يصدر عن مختلف الشرائح و يرتبط بحادثة بعينها قيل فيها ، أمَّا الحكمة فهي أصدق نظرة لأنها تصدر عن ذي رأي و منزلة، فالحكمة تصدر عن المفكرين و أضرابهم، وهي نتيجة لتجارب عديدة في الحياة.
................................................................
تعريف الحكمة:
عرفها الراغب بقوله : " الحكمة إ صابة الحق بالعلم والعقل. والحكمة من الله تعالى، وهي معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الإحكام ومن الإنسان معرفة الموجودات وفعل الخيرات ."
وقد تأخذ الحكمة عند بعض العلماء بعدا أخلاقيا؛ فقد عرَّفها ابن دريد بقوله :
" كل كلمة وعَظَتك أودعَتك إلى مَكرمة أو نَهتك عن قبيح فهي حكمة."
وقال عنها ابن قتيبة:
"هي العلم والعمل به، ولا يكون الرجل حكيما حتى يجمعهما "

وعرَّفها واضعو المعجم العربي الأساسي بأّنها " معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم أو معرفة الحق لذاته ومعرفة الخير لأجل العمل به."
.....................................

المعاني الواردة للحكمة في القرآن الكريم

: يقول الدامغاني بأن مادة ( ح ك م ) وردت في القرآن على خمسة أوجه :
قوله تعالى في سورة البقرة :
(وما أنزل علیكم من الكتاب والحكمة یعظكم به) " * الحكمة بمعنى الموعظة .
و في قوله تعالى:
( وآتیناه الحُكم صبيا ) * الحُكم هنا يعني الفهم والعلم.
وفي قوله تعالى في سورة النساء :
(فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة) يعني النبوة مع الزبور

وفي قوله تعالى في سورة البقرة :
( یؤتي الحكمة من یشاء ) * الحكمة يعني تفسير القرآن. 

وفي قوله تعالى في سورة البقرة كذلك :
( ومن یؤت الحكمة فقد أوتي خیرا كثیرا ) يعني تفسير القرآن
. تفسير القرآن العظيم. 

و في قوله تعالى في سورة النمل : (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) تعنى الحكمة هنا : القرآن
.....................................

استعمال الحكمة يكون لهدف تربوي ، فتكون للوعظ والإرشاد، والمثل يشاركها نفس المجال ولكنه يفوقها بتفرع و تعدد استعمالاته.
............................
من حكم العرب :
من أبرز الحكماء على مرًّ التاريخ؛ الحكيم لقمان :
فمن حكمه التي وعظ بها ابنه:
* اعتزل عدوك ، و احذر صديقك ، و لا تتعرض لما لا يعنيك .
*بابني من كان له من نفسه و اعظ ، كان له من الله عز وجل حافظ .
*ليكن أول ما تفيد من الدنيا بعد خليل صالح؛ امرأة صالحة .
*يا بني: اتق الله ولا تري الناس أنك تخشى الله ليكرموك بذلك وقلبك فاجر .
*لتكن كلمتك طيبة وليكن وجهك بسطاً تكن أحب إلى الناس ممن يعطيهم العطاء .

سرقة اللَّسان

مقال : سرقة اللَّسان
....................
كانت جريمةُ العصرِ الكُبرى محاولةَ الاستعمارِ أنْ يَسْرُقَ لسانَ أمَّةٍ أَعرقَ منه في الوجودِ ، وأغنى في الميراثِ الحضاريِّ . والأمُّةُ قد تُمْتَحنُ باحتلالِ أرضِها فَتُناضِلُ من أجلِ الحُريّةِ حتى تَستَرِدّها على المدى القصيرِ أو الطويلِ، وتُمْتَحَنُ باغتصابِ خيراتِ أرضِها وأرزاقِ بنيها فَتَحْمِلُ الجوعَ والحرمانَ ، وتَقتاتُ من أمَلِها المرجوّ في الخلاصِ؛ بل قد تُحارَبُ في عقيدتِها فيتصدى الضميرُ الشعبيُّ بالرَّفْضِ والتحدي .

لكنّها حينَ تُمْتَحنُ بِسَرِقةِ لسانِها تضيعُ . تُمْسَخُ شَخصيتُها القوميَّةُ، وتُبْتَرَ من ماضيها وتراثها وتاريخِها ثُمَّ تَظَلُّ محكوماً عليها بأن تبقى أبداً تحتَ الوصايةِ الفكريّةِوالوجدانية للمُسْتَعْمِرِ حتى بعد أن يَجْلوَ عن أرضِها ، يَشدُّها إليه نوعٌ من الاستعبادِ الفكريِّ ، إذ لا تُجِدُ غيْرَ لسانِه وسيلةً للنُطْقِ والتعبيرِ ، ولا تَلْتَمِسُ في غيرِ مكتبتِهِ زادَها الفكريَّ والأدبيَّ والثّقافيَّ .

وبمضي الزمنُ ويغدو هذا الاستعبادُ القهريُّ ولاءً فكرياً وروحياً لمن كان لها بالأمسِ عَدُّواً ، لطولِ ما نَهَلَ أبناؤها من نَبْعِ أدبِهِ وفِكْرِهِ وانحصروا في فَلَكِهِ، لا يرون الدنيا إلاّ بعينِهِ، ولا يحسونَ طَعْمَ الحياةِ إلاّ بمذاقِهِ، ولا يَخْفِقُ وجدانَهُم إلا بِنَبضِهِ. وهم بِحُكْمِ ثِقافَتِهم العاليةِ يشغلون مراكزَ التوجيهِ والقيادةِ للرأيّ العامِ ، وعن طريقهِم يَتَسَلَّطُ الغزوُ الفكريُّ على الشعبِ الذي رَفَضَ وجودَ المُسْتَعْمِرِ.

وكثيراً ما يتصدَّون لمحاربةِ الذين صانوا لِسانَهُمْ القوميَّ واعتزوا بثقافَتِهِم الأصليةِ ، فيتصدعُ الكيانُ الوطنيُّ من أثَرِ الصِدامِ المريرِ بينَ دُعاةِ الأصالةِ يَتهِمون المتفرنجينِ بالمروقِ والعُقوق ِوالكُفْرِ، ودُعاةُ الثقافةِ الأجنبيةِ يتهمونَ خُصومَهُمْ بالرجعيةِ والجمودِ ، ويرونَ فيها هياكِلَ من حفرياتِ عصورٍ غابرةٍ .

بقلم : عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطىء)

السبت، 28 نوفمبر 2015

القراءة


مُقتطفات من كتاب ( العالم بيْن دفَّتي كتاب )
__ ___ ____ _____ _______ _______ _____
( إن الشَّعب الذي لا يقرأ لا يستطيع أن يعرف نفسه، و لا يستطيع أن يعرف غيره من الشعوب؛ فهو لذلك لا يستطيع أن يتآلف و يتحاب و يتلاقي، لأن الإنسان بطبعه عدو لما يجهل و كذلك الشعوب، إن الشَّعب الذي ترجوه كل أمُّة شعب يعرف نفسه و يعرف غيره، فيحب هذا الذي يعرفه، ويقوده الحب إلى العمل المُخلص الذي يعودُ عليه وعلى جيرانه بالفوائد العميمة)
( إن ما يميز الإنسان من الحيوان هو التفكير، و إن بعض الحيوان ليفكر بدرجة من الدرجات ولكن تفكير الإنسان أرقى، و هو يصعد في سلم الرقي بقفزات تعلو و تعلو أبدًا، و سبيل هذا الصعود هو أن يبني الخَلف على آثار السَلف مما لا يمكن أن يتم في عالم الحيوان، وإنما هو يتم في عالم الإنسان ليس غير، و لا يمكن لهذا البناء أن يتم إلا بوساطة الكتب، فالكتب هي التي تدُلنا على الدْرج الذي ارتقى إليه الأقدمون لنرقى نحنُ فيما بعد)
( إن رسالة الكتب ترمي إلى أهداف ثلاثة: اما الهدف الأول فهو أن تعلمنا ما لا نعلم، والهدف الثاني أن تُوحي إلينا بما نحتاج إليه من وحي، وأما الأخير فهو أن تسمو بمشاعرنا و مداركنا إلى ما يجب أن نسمو إليه من رفعةٍ و طُهْر )
( من أطرف ما أدخلت أمريكا في حياة القُرَّاء في بعض الأمم فكرة المكتبات المُتنقلة على عربات التي تصل إلى أماكن بعيدة وعديدة لتوصل الكتاب إلى يد القارئ حتى لا يجد مشقة في الوصول إليه)
___ ____ ____
تأليف الدكتورة : سُهير القلماوي

: اتَّقِ شَرَّ مَنْ أَحْسَنْتَ إِلَيْه

قصة طريفة : اتَّقِ شَرَّ مَنْ أَحْسَنْتَ إِلَيْهِ
_______________________
أبو الحسن عن أبي مريم قال :
كان عندنا بالمدينة رجلٌ قد كثُر عليه الدَّين حتَّى توارى من غرمائه ولزِم منزله فأتاه غريم له عليه شيءٌ يسير فتلطَّفَ حتَّى وصل إليه فقال له : ما تجعلُ لي إنْ أنا دللتك على حيلةٍ تصيرُ بها إلى الظهورِ والسَّلامةِ من غرمائك، قال : "أقضِيكَ حقَّك وأزيدُك ممَّا عندي ممَّا تقُّرُ به عينك فتوثَّق منه بالأيمان".
فقال له : " إذا كان غداً قبْلَ الصَّلاةِ مرْ خادمَك يكنُسْ بابَك وفِناءَك ويرشَّ ويبسُطْ على دكّانك حُصراً ويضَعْ لك متَّكأ ثمّ أمهِل حتى تصبَح و يمرَّ الناس ثمّ تجلس وكلُّ مَن يمرُّ عليك ويسلّم انبح له في وجهه ولا تزيدَنَّ على النُّباح أحداً كائناً مَن كان ومَنْ كلّمك من أهلِك أو خدمك أو من غيرهم أو غريمٍ أو غيره حتَّى تصير إلى الوالي فإذا كلَّمك فانبَحْ له وإيَّاك أن تَزيدَه أو غيرَه على النُّباح فإنَّ الواليَ إذا أيقَنَ أنَّ ذلك منك جِدٌّ لم يشُكَّ أنَّه قد عرَض لك عارض من مَسٍّ فيخلِّيَ عنك ولا يغري عليك .
قال : "ففعَل؛ فمرَّ به بعضُ جيرانه فسلّم عليه فنبَح في وجهه ثم مرَّ آخرُ ففعل مثلَ ذلك حتَّى تسامع غرماؤه فأتاه بعضُهم فسلّم عليه فلم يزِدْه على النُّباح ثمَّ آخرُ فتعلَّقوا به، فرفعوه إلى الوالي فسأله الوالي فلم يزدْه على النُّباح فرفَعه معهم إلى القاضي، فلم يزده على ذلك فأمَرَ بحبسه أيَّاماً وجعلَ عليه العيون وملَك نفْسَه، وجعَلَ لا ينطِق بحرفٍ سوى النُّباح، فلمَّا رأى القاضي ذلك أمرَ بإخراجه ووضعَ عليه العيونَ في منزله، وجعل لا ينطِق بحرفٍ إلاَّ النباحَ فلما تقرَّرَ ذلك عند القاضي أمر غرماءَه بالكفِّ عنه وقال : "هذا رجلٌ بِهِ لَمَم فمكث ما شاء اللهُ تعالى" .
ثمَّ إنَّ غريمَه الذي كان علّمه الحيلة أتاه متقاضياً لِعِدتِه فلمَّا كلمه جعل لا يزيدهُ على النُّباح فقال لَهُ : " ويلَكَ يا فلان وعليَّ أيضاً وأنا علَّمتك هذه الحيلة فجعل لا يزيدُه على النُّباح فلمَّا يئس منه انصرف يائساً مما يطالبه بِهِ" .
_________
من كتاب " الحيوان " للجاحظ.

الجمعة، 27 نوفمبر 2015

ألغاز فصحى

ألغاز فصحى:
1_ وجاريةٍ تجري وليس لها رجلُ........ وتحملُ كالأنثى وليس لها بَعْلُ
إذا شربتْ ماتتْ ومات جنينُها...........وإن عطشت عاشتْ وعاش لها الحمْلُ.

2_ ما اسمٌ إذا جَوَّدَه قائلُه....................كثُرُ من بيْن الوَرَى حامِلُهْ
أحْرُفُه ثلاثةٌ؛ ثُلْثُها...............................معجَمُ بحْرٍ لا يُرَى ساحِلُهْ
إذا حَذَفْت وَسطَهُ عامدًا...........................يصيرُ أمْراً مُبغَضًا فاعِلُهْ
والبحرُ قدْ ألْهَمَهُ رَبُّنا.............................عِلْمًا يَظُنُّ عُسْرَهُ جاهِلُهْ
مكّةَ معْ مدينة المصطفى .......................فهل فَهِمْت ما أنا قائلُهْ
والعلمُ مختصٌّ بالاسم الذي..............عنيتُ في اللغز، فمَنْ طائِلُهْ؟!

3_وما اسمٌ إنْ قَلَبْت وزِدْت حَرْفًا..........وَجَدْت الضِّدَّ للرَّجُلِ النَّحِيلِ
مِنَ الْحَيَوَانِ، وَهْوَ خَبِيرُ صَيْـدٍ..............وذُو مَكْرٍ، و ذُو جِسْمٍ طَوِيلِ
بِقَلْبِ حُرُوفِهِ يَـغْـدُو غِـذَاءً................يُضَافُ إِلَى الطَّعَامِ، بِلَا مَـثِيلِ
وإنْ أَتْـبَـعْت آخِرَهُ بِـمَـدٍّ......................غَدَا بَلَدًا، فَمَا هُوَ يَا خَـلِيلِي؟

الإجابة :

١_السفينة،إذا امتلأت بالماء غرقت.

٢_الشّعر : إذا جوده قائله، كثر بين الورى( الناس) .

٣_النمس: و هو حيوان لو قلبنا حروفه أصبح (سمن) يُضاف إلى الطعام، ولو زدناه الفاً أصبح (النمسا) ولو قلبناه و زدناه حرفا صار ضد الرجل النحيل (سمين).

رجل إمعة

رجل إمعة:
...........
1) قال (ابن منظور) في لسان العرب :
(أمَعَ) :
الإِمَّعةُ والإِمَّعُ، بكسر الهمزة وتشديد الميم: الذي لا رأْي له ولا عَزْم فهو يتابع كل أَحد على رأْيِه ولا يثبت على شيء، والهاء فيه للمبالغة.
.......
وفي الحديث: اغْدُ عالماً أَو مُتعلِّماً ولا تكن إِمَّعةً، ولا نظير إِلا رجل إِمَّرٌ، وهو الأَحمق؛ قال الأَزهري: وكذلك الإِمَّرةُ وهو الذي يوافق كل إنسان على ما يُريده.
قال الشاعر: لَقِيتُ شَيْخاً إِمَّعَهْ، سأَلتُه عَمّا مَعَهْ.
وروى عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، قال: كنا في الجاهلية نَعُدُّ الإمَّعةَ الذي يتْبَع الناسَ إِلى الطعام من غير أَن يُدْعى، وإِنَّ الإِمَّعةَ فيكم اليوم المْحْقِبُ الناسِ دِينَه؛ قال أَبو عبيد: والمعنى الأَوَّلُ يرجع إِلى هذا.
قال الليث: رجلُ إِمّعةٌ يقول لكل أَحد أَنا معك، ورجل إِمّع وإِمّعة للذي يكون لضَعْف رأْيه مع كل أَحد؛ ومنه قول ابن مسعود أَيضاً: لا يَكُونَنَّ أَحدُكم إِمَّعَةً، قيل: وما الإِمَّعَةُ؟ قال: الذي بقول أَنا مع الناس.
والدليل على أَنَّ الهمزة أَصل أَن (( إِفْعَلاً)) لا يكون في الصِّفات، وقول من قال امرأَة إِمَّعة غلط، لا يُقال للنساء ذلك.
وقد حكي عن أَبي عبيد: قد تأَمَّعَ واسْتَأْمَعَ.
والإِمّعَةُ المُتردّد في غير ما صَنْعة، والذي لا يَثْبُت إِخاؤه.
ورجال إِمّعون، ولا يجمع بالأَلف والتاء.
...................................................................
2) و يقول الميداني في كتابه ( مجمع الأمثال):
هو إمعة:
وكذلك " إمرة " وهما الرجل الضعيف الرأي الذي يقول لكل : أنا معك وفي الحديث " إذ وقع الناس في الشر فلا تكن إمعة " قالوا هو أن يقول : " إن هلك الناس هلكت؛ لا أثور في الشر" .
يُقال : " رجل إمع وإمعة". وقال ابن السراج : هو فعل لأنه لا يكون إفعل صفة قال : وقول من قال " امرأة إمعة " غلط لا يُقال للنساء ذلك [ ص 395 ] .

فن المقال

فنون أدبية :
اولاً: فن المقال.
.............
- قطعة نثرية قصيرة أو متوسطة، موحدة الفكرة، تعالج بعض القضايا الخاصة أو العامة، معالجة سريعة تستوفي انطباعا ذاتيا أو رأيا خاصا، ويبرز فيها العنصر الذاتي بروزا غالبا، يحكمها منطق البحث ومنهجه الذي يقوم على بناء الحقائق على مقدماتها، ويخلص إلى نتائجها.
- قطعة مؤلفة ، متوسطة الطول، وتكون عادة منثورة في أسلوب يمتاز بالسهولة والاستطراد، وتعالج موضوعا من الموضوعات على وجه الخصوص.
.............
تعريف النقاد العرب لفن المقالة:
- يقول الدكتور محمد يوسف نجم : المقالة قطعة نثرية محدودة في الطول والموضوع، تكتب بطريقة عفوية سريعة ،خالية من التكلف، وشرطها الأول أن تكون تعبيرا صادقا عن شخصية الكاتب.
- ويقول الدكتور محمد عوض: إن المقالة الأدبية تشعرك وأنت تطالعها أن الكاتب جالس معك، يتحدث إليك.. وأنه ماثل أمامك في كل فكرة وكل عبارة.
..................
نشأت المقالة الحديثة في الغرب، على يد مونتني( الفرنسي) في القرن السادس عشر، وكانت تتسم بطابع الذاتية، فقد كان يفيد من تجربته الذاتية في تناول الموضوعات التربوية والخلقية التي انصرف على معالجتها، فلقيت مقالاته رواجا في أوساط القراء؛ ثم برز في إنجلترا فرنسيس باكون في القرن السابع عشر فأفاد من تجربة مونتني، وطور تجربته الخاصة في ضوئها، ولكن عنصر الموضوعية كان أشد وضوحا في مقالاته، مع الميل إلى الموضوعات الخلقية والاجتماعية المركزة، وفي القرن الثامن عشر بدت المقالة نوعا أدبيا قائما بذاته، يتناول فيه الكتاب مظاهر الحياة في مجتمعهم بالنقد والتحليل وقد أعان تطور الصحافة على تطوير هذا العنصر الأدبي، وبرز فيه عنصر جديد وهو عنصر السخرية والفكاهة ، وإن كانت الرغبة في الإصلاح هي الغاية الأساسية لهذا الفن الجديد، وفي القرن التاسع عشر ، اتسع نطاق المقالة.
...........
اولاً: هل عرَف الأدب العربي القديم فن المقالة أو لا؟
يقول د. إبراهيم عوض :
"هناك رأيان:
رأي من يقول: إن المقال هو من الفنون التي لم يعرفها العرب قديمًا، وعلى هذا الرأي الدكتور شوقي ضيف مثلاً الذي يقول في كتابه: (الأدب العربي في مصر)
"المقالة قالب قصير قلما تجاوز نهرًا أو نهرين في الصحيفة، ولم يكن العرب يعرفون هذا القالب، إنما عرفوا قالبًا أطول منه يأخذ شكل كتاب صغير، وهم يسمونه: "الرسالة"، مثل رسائل الجاحظ، ولم ينشئوه من تلقاء أنفسهم، بل أخذوه عن اليونان والفرس، ورأوا فيها بعض الموضوعات الأدبية التي خاطبوا بها الطبقة المتميزة من المثقفين في عصورهم، أما المقالة فقد أخذناها عن الغربيين، وقد أنشأتها عندهم ضرورات الحياة العصرية والصحفية، فهي لا تخاطب طبقةً رفيعةً في الأمة، وإنما تخاطب طبقات الأمة على اختلافها، وهي لذلك لا تتعمق في التفكير؛ حتى تَفهمها الطبقات الدنيا، وهي أيضًا لا تلتمس الزخرف اللفظي؛ حتى تكون قريبةً من الشعب وذوقه الذي لا يتكلَّف الزينة، والذي يؤثر البساطة والجمال الفطري".
رأي يقول إن الأدب العربي قديماً عرف فن المقالة ؛ ومنهم المستشرق البريطاني روجر ألن؛ إذ وصف الجاحظ - ضمن ما وصَفه في الفصل الصغير الذي عقده له في كتابه: "An Introduction to Arabic Literature" - بأنه كاتب مقالات، وبطبيعة الحال فإن في أدبنا القديم كثيرين كالجاحظ يمكن وصْفهم بأنهم كُتاب مقالات أيضًا.

إذن فالمشكلة هي أن أجدادنا العرب لم يَعرفوا فن الصحافة كما نعرفه الآن؛ لأن المطبعة لم تكن قد وجدت بعدُ على أيامهم، فلم يكتبوا المقالة بشكلها الصحفي المعروف، ولم يستخدموا مصطلحها الذي نستخدمه نحن الآن، لكن هذا لا يمنع أن يكون كثير.
فرُواد المقالة العرب في العصر الحديث، لم يروا في "المقالة" فنًّا أدبيًّا جديدًا، ومن هنا وجدناهم يسمونها: "نبذة" أو"جملة" أو"فصلاً" أو"رسالة أدبية"، وهذه كلها مصطلحات قديمة كانت تسمى بها الكتابات التي قلنا: إنها كانت تناظر عند العرب القدامى ما نطلق عليه اليوم: "المقالة"

..........
ثانياً: المقالة والصحافة:
.....................
- يتصل تاريخ المقالة العربية الحديثة اتصالا وثيقا بتاريخ الصحافة في الشرق الأوسط، فهو يرجع إلى تاريخ غزو نابليون للشرق ووجود المطابع الحديثة، وقد ظلت الصحافة لفترة طويلة تحتفظ بطريقة المقال الافتتاحي للجريدة والذي كان يدور في الغالب حول الموقف السياسي وما يعرض فيه من الأحوال والتقلبات، وقد ظهر المقال الأدبي إلى جانب المقال الصحفي.
..........
و توضح د. سوسن رجب أن هناك اختلافاً بين المقال الأدبي و المقال الصُحفي؛ فالمقال الصُحفي يتناول المشكلات القائمة والقضايا العارضة من الناحية السياسية، أما المقال الأدبي فيعرض لمشكلات الأدب والفن والتاريخ والاجتماع.
و تذكر بعض الأسماء التي استطاعت إجادة الكتابة في النوعين من المقالات، المقالة الصحفية والمقالة الأدبية، ومنهم: عباس محمود العقاد، والدكتور حسين هيكل، والدكتور طه حسين.
بينما كتابات ميخائيل نعيمة، وجبران خليل جبران، ومي زيادة، وعبد العزيز البشري فهي مقالات أدبية خالصة.
........
و تذكر د. سوسن رجب بعض خصائص المقالة الحديثة:
1- أنها تعبير عن وجهة النظر الشخصية، وهذه الميزة هي التي تميزها عن باقي ضروب الكتابات النثرية.
2- الإيجاز، والبعد عن التفصيلات المملة، مع إنماء الفكرة وتحديد الهدف.
3- حُسن الاستهلال وبراعة المقطع.
4- إمتاع القارئ ، وإذا ما انحرفت عن هذه الخاصية أصبحت أي لون آخر من ألوان الأدب وليست بفن مقالة.
5_ الحرية والانطلاق.
الوحدة والتماسك والتدرج في الانتقال من خاطرة إلى خاطرة أخرى من الخواطر التي تتجمع حول موضوع المقال.

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2015

فكاهة مؤلمة

اشتهر الجاحظ بدمامة منظره رغم ما وصل إليه من شهرة أدبية واسعة في العصر العباسي،  فكان جاحظ العينين بارزهما،  قصير القامة، ولكنه رغم ذلك كان حسن العشرة،  خفيف الروح،  يتهافت عليه الناس للاستمتاع بنوادره و أدبه،  وقد قال عن نفسه:

"ما أخجلني إلا امرأتان: رأيت إحداهما في العسكر،  وكانت طويلة القامة،  وكنت على طعام،  فأردت أن أمازحها،  فقلت لها: "انزلي كُلي معنا"
فقالت: "اصعد أنت حتى ترى الدنيا.".
و أما الأخرى فإنها أتتني،  و أنا على باب داري،  فقالت: لي إليك حاجة و أنا أريد أن تمشي معي...
فقمت معها إلى أن أتت بي إلى صائغ يهودي،  فقالت له: " مثل هذا " وانصرفت.
فسألت الصائغ عن قولها..فقال لي: " إنها أتت إلي بفصّ و أمرتني أن أنقش عليه صورة شيطان،  فقلت يا سيدتي،  ما رأيت الشيطان. فأتت بك "

الخميس، 3 سبتمبر 2015

وفاء كلب

أنشد أبو الحسن بن خَالويه عن أبي عُبيدة لبعض الشعراء:
يُعرِّد عنه جارُه و شقيقُه..... و ينبِش عنه كلبُه وهو ضاربه..
قال أبو عُبيدة: قيل ذلك لأن رجلا خرج إلى الجبّان ( المقابر)  ينتظر رِكابَه ( الإبل) ،  فاتَّبَعَهَ كلٌّب كان له،  فضرب الكلب َ وطرده،  وكره أن يتبعه،  فلمَّا صار إلى الموضع الذي يريد فيه الانتظار رَبَضَ( جلس) الكلبُ قريبا منه، فبينما هو كذلك إذ أتاه أعداءٌ له يطلبونه بطائلة لهم عنده ( عداوة)، وكان معه جارٌ له و أخوه دِنْيا ( الأدنى في القرابة، يُقال ابن عمه دِنْيا)  فأسلماه و هربا عنه، فجُرح جِراحات، و رُمي به في بئر غير بعيدة القَعْر،  ثم حُثي عليه التراب،  ثمَّ غُطَّي رأسه،  ثم كُمَّم فوق رأسه منه ( غُطَّي رأسه بالتراب) .
والكلب في ذلك يَرخُم( يعوي) و يهِرُّ ( ينبح)،  فلمَّا انصرفوا أتى رأس البئر،  فمازال يَعوِى و ينبِش عنه و يحثو التُّراب بيديه،  و يكشف عن رأسه حتى أظهر رأسه،  فتنفّس و ردَّت إليه الرُّوح،  وقد كاد يموت،  ولم يبق منه إلا حُشاشة،  فبينما هو كذلك إذ مرّ ناس فأنكروا مكان الكلب،  و رأوه كأنه يحفر عن قبر،  فنظروا فإذا هم بالرجُل على تلك الحال، فاستشالوه
( رفعوه)  فأخرجوه حيًا،  وحملوه حتى أدَّوه إلى أهله...
وهذا العمل يدلُّ على وفاءٍ طبيعي،  و إلفٍ غزيزي،  و محاماة شديدة،  وعلى معرفةٍ و صبر،  وعلى كرم و شُكر، وعلى غناء عجيب،  و معرفةٍ تفوق المنافع،  لأن ذلك كلَّه من غير تكلّف ولا تصنَّع.. 

الثلاثاء، 25 أغسطس 2015

أقوال عن العلم

قال بعض الأدباء:
العلمُ أفضل خَلَف والعمل به أكمل شرف.
وقال بعض البُلغاء :
تعلم العلم فإنه يُقوِّمك و يُسدِّدُك صغيرا و يُقدِّمك و يسوِّدك كبيرًا، و يصلح زيْغك وفاسِدك، و يرغم ( يُذل) عدوَّك و حاسِدك، و يُقوِّم عِوَجَك وميْلَك،  و يصحِّح هِمَّتك و أمَلك.

وقيل لبزرجمهر: العلم أفضل أم المال؟  فقال: بل العلم.
فقيل له: فما بالنا نرى العلماءَ على أبواب الأغنياء ولا نكاد نرى الأغنياءَ على أبواب العُلماء؟  فقال:
ذلك لمعرفة العلماء بمنفعة المال وجهل الأغنياء بفضل العِلم.

وقيل لبعض الحكماء: لماذا لا يجتمع العلم والمال؟
فقال:  لعز الكمال.


وقال علي بن أبي طالب( رضي الله عنه)
"العلم خيرٌ من المال،  العلم يُحرسك و أنت تحرس المال،  العلم حاكم، والمالُ محكوم عليه، مات خُزَّان الأموال و بقي خُزَّان العلم؛ أعيانُهم مفقودة و أشخاصهم في القلوب موجودة"




تَحْسِبُها حَمٍقاء وهي باخِسٌ




المثل العربي:
(( تَحْسِبُها حَمٍقاء وهي باخِسٌ))
............
جاء المثل على لسان رجل من بني عنبر، حاول أن يخدع امرأة ظن فيها الحماقة والبلاهة؛ فخدعته هي و أخذت متاعه، وجعلت الناس يتهمونه بمحاولة خداع امرأة لا حول لها ولا قوة!!
قصة المثل كما جاءت في مجمع الأمثال للميداني :
..................
"
يقال إنَّ المثل تكلَّم به رجل من بني العًنبَر من تميم جاورته امرأة فنظر إليها فحَسِبَها حمقاء لا تَعقِل ولا تَحفَظُ ولا تعرِف مالها، فقال العَنْبَريُّ:
" ألاَ أخلِطُ مالي ومتاعي بمالها ومتاعها ثم أُقاسِمُها فآخذُ خير متاعها وأُعطيها الرَّديءَ من متاعي".
فقاسمها بعدما خلط متاعَهُ بمتاعها، فلم تَرْضَ عند المقاسمة حتى أخذت متاعها، ثم نازَعَتهُ وأظهَرَت له الشكوى حتّى افتدى منها بما أرادَتْ. فعوقِبَ عندَ ذلك .
فقيل له: "اختَدَعْتَ امرَأَةً وليس ذلك بِحَسِنٍ".
فقال: "تحسِبها حمقاء وهي باخِسٌ".
يُضرَبُ لِمَنْ يَتَبَالَه ويتظاهر بالبله وفيه دَهْاء..."

والبَخْس: النَّقص.

الثلاثاء، 10 مارس 2015

عشرة أحوال للاسم... ما هي؟

للاسم عشرة أحوال فما هى ؟؟؟

اعلم أن للاسم بحسب الإعراب ثلاثة أحوال : رفع ونصب وجر ، وبحسب الإفراد وغيره ثلاثة أحوال : إفراد ، وتثنية ، وجمع ، وبجسب التذكير والتأنيث حالتان ، وبحسب التنكير والتعريف حالتان ، فهذه عشرة أحوال للاسم .

الجمعة، 6 مارس 2015

أخطاء شائعة ( حرف العين)

أخطاء شائعة
1_ قل: عَنْوَةََ أي: قسرًا،  ولا تقل: عُنْوَة.
فهو عانٍ والجمع عُناة
وهي عانِية والجمع عَوان.

أخذنا الشيء عَنْوَةََ، قد يكون معناها:
ا_قهرًا و قسْرا.
ب_صُلحًا برفق و تسليم وطاعة.
والمعنيان مُتضادان، ولكن الأوّل هو لُغة الخاصّة،  و أكثر المعنيين استعمالا..

2_قل: عاد لا يعرف أصدقاءه و عاد لا يصلح للعمل،  ولا تقل: لم يعُدْ يعرف أصدقاءه..
لأن ( عاد) من أخوات ( كان) ،  ومعناها: صار.

3_3_ قل عِلْكة  ولا تقل: عَلْكة.

من ذلك قول الخليل: العَلْك: المضغ.
ويقال: عَلَكت الدّابّةُ اللِّجامَ، وهي تعلُكُه عَلْكاً
قال: وسمِّي العِلْك عِلْكاً لأنّه يُمضَغ.