الأربعاء، 2 ديسمبر 2015

ساعات بين الكتب

مقالة من كتاب :
حكى العقاد فى كتابه ( ساعات بين الكتب ) فى مقالة بعنوان (قراءة القواميس ) عن رجل كان صاحب رأى فى الدين ، فقد كان ينكر الأئمة الأربعة ، ويكتفى بالقرآن وحده ، حتى أطلق الناس عليه ( الخامسىي) لأنه يجىء بعد الأئمة الأربعة بمذهب فى الدين يتبعه ويدعو إليه ، وكان المُدهش فى هذا الرجل قدرته العجيبة على استحضار الكلمات بحروفها وألفاظها دون المعانى ،وكان يعتقد أنه ما من شىء فى الدنيا إلا وقد ورد فى القرآن بحرفه و نصه ،وكان العقاد فى صباه يداعبه مع أصدقائه ،(( ومن ذلك :"سئلنا الشيخ ذات مرة هل ذُكرت (النِكلة ) فى القرآن ؟" فقال الشيخ :" أجل ! في قوله تعالى :" فأخذه الله نكال الدنيا والآخرة ".
ولقيناه ذات مرة على شاطىء النيل وفيه باخرة راسية لشركة (كوك) فقلنا له : (الآن يتبين الحق من الباطل يا عم ، هل ورد ذكر لكوك فى القرآن ؟" فسكت الرجل قليلا ، وقال : وكيف لا ؟! ورفع صوته وجعل يُشير إلى الباخرة ، ويكرر الإشارة إليها كأنما يطعن الهواء بأصبعه ، وهو يقول : إن الله تعالى قال فى كتابه المُنزل على نبيه المُرسل :" وتركوك قائما " ونطق بها وهو يُشير إلى الباخرة :" وترى كوك قائما ".

وسأله بعضهم :" أين الشكولاته فى القرآن ياعم فلان ؟"
قال : فى قوله " كل يعمل على شاكلته " "

العقاد أراد بسرِد هذه الحكاية أن المرء قد يكون بارعا فى الحفظ ، ولكنه لا يفهم ما يحفظه ،فهذا الشيخ عزل نفسه عن تفاسير القرآن ورأى فى نفسه البراعة والقدرة على تفسيره وهو فى حقيقة الأمر جاهل بمعانى القرآن.

ليست هناك تعليقات: