الأحد، 29 نوفمبر 2015

الحكمة






الحكمة :
تصدر الحكمة عن شخص ذي تجارب في الحياة ، فيلخص بعبارات موجزة تجربة مر بها ، أو يدلي برأيه في أمر ما فتشتهر حكمته بين الناس .
والحكمة تختلف عن المثل ، فالحكمة أرفع شأناً من المثل، لأن المثل يمثل ثقافة عامة للشعب بجميع طبقاته بينما الحكمة تهذيب لهذه الثقافة، وهو ما جعلها وثيقة الصلة بالنبوة.
كما أن المثل أكثر انتشاراً بين الناس من الحكمة .
وغالبا لا نعرف للمثل صاحباً لإن المثل هو صوت الشعب، يصدر عن مختلف الشرائح و يرتبط بحادثة بعينها قيل فيها ، أمَّا الحكمة فهي أصدق نظرة لأنها تصدر عن ذي رأي و منزلة، فالحكمة تصدر عن المفكرين و أضرابهم، وهي نتيجة لتجارب عديدة في الحياة.
................................................................
تعريف الحكمة:
عرفها الراغب بقوله : " الحكمة إ صابة الحق بالعلم والعقل. والحكمة من الله تعالى، وهي معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الإحكام ومن الإنسان معرفة الموجودات وفعل الخيرات ."
وقد تأخذ الحكمة عند بعض العلماء بعدا أخلاقيا؛ فقد عرَّفها ابن دريد بقوله :
" كل كلمة وعَظَتك أودعَتك إلى مَكرمة أو نَهتك عن قبيح فهي حكمة."
وقال عنها ابن قتيبة:
"هي العلم والعمل به، ولا يكون الرجل حكيما حتى يجمعهما "

وعرَّفها واضعو المعجم العربي الأساسي بأّنها " معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم أو معرفة الحق لذاته ومعرفة الخير لأجل العمل به."
.....................................

المعاني الواردة للحكمة في القرآن الكريم

: يقول الدامغاني بأن مادة ( ح ك م ) وردت في القرآن على خمسة أوجه :
قوله تعالى في سورة البقرة :
(وما أنزل علیكم من الكتاب والحكمة یعظكم به) " * الحكمة بمعنى الموعظة .
و في قوله تعالى:
( وآتیناه الحُكم صبيا ) * الحُكم هنا يعني الفهم والعلم.
وفي قوله تعالى في سورة النساء :
(فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة) يعني النبوة مع الزبور

وفي قوله تعالى في سورة البقرة :
( یؤتي الحكمة من یشاء ) * الحكمة يعني تفسير القرآن. 

وفي قوله تعالى في سورة البقرة كذلك :
( ومن یؤت الحكمة فقد أوتي خیرا كثیرا ) يعني تفسير القرآن
. تفسير القرآن العظيم. 

و في قوله تعالى في سورة النمل : (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) تعنى الحكمة هنا : القرآن
.....................................

استعمال الحكمة يكون لهدف تربوي ، فتكون للوعظ والإرشاد، والمثل يشاركها نفس المجال ولكنه يفوقها بتفرع و تعدد استعمالاته.
............................
من حكم العرب :
من أبرز الحكماء على مرًّ التاريخ؛ الحكيم لقمان :
فمن حكمه التي وعظ بها ابنه:
* اعتزل عدوك ، و احذر صديقك ، و لا تتعرض لما لا يعنيك .
*بابني من كان له من نفسه و اعظ ، كان له من الله عز وجل حافظ .
*ليكن أول ما تفيد من الدنيا بعد خليل صالح؛ امرأة صالحة .
*يا بني: اتق الله ولا تري الناس أنك تخشى الله ليكرموك بذلك وقلبك فاجر .
*لتكن كلمتك طيبة وليكن وجهك بسطاً تكن أحب إلى الناس ممن يعطيهم العطاء .

سرقة اللَّسان

مقال : سرقة اللَّسان
....................
كانت جريمةُ العصرِ الكُبرى محاولةَ الاستعمارِ أنْ يَسْرُقَ لسانَ أمَّةٍ أَعرقَ منه في الوجودِ ، وأغنى في الميراثِ الحضاريِّ . والأمُّةُ قد تُمْتَحنُ باحتلالِ أرضِها فَتُناضِلُ من أجلِ الحُريّةِ حتى تَستَرِدّها على المدى القصيرِ أو الطويلِ، وتُمْتَحَنُ باغتصابِ خيراتِ أرضِها وأرزاقِ بنيها فَتَحْمِلُ الجوعَ والحرمانَ ، وتَقتاتُ من أمَلِها المرجوّ في الخلاصِ؛ بل قد تُحارَبُ في عقيدتِها فيتصدى الضميرُ الشعبيُّ بالرَّفْضِ والتحدي .

لكنّها حينَ تُمْتَحنُ بِسَرِقةِ لسانِها تضيعُ . تُمْسَخُ شَخصيتُها القوميَّةُ، وتُبْتَرَ من ماضيها وتراثها وتاريخِها ثُمَّ تَظَلُّ محكوماً عليها بأن تبقى أبداً تحتَ الوصايةِ الفكريّةِوالوجدانية للمُسْتَعْمِرِ حتى بعد أن يَجْلوَ عن أرضِها ، يَشدُّها إليه نوعٌ من الاستعبادِ الفكريِّ ، إذ لا تُجِدُ غيْرَ لسانِه وسيلةً للنُطْقِ والتعبيرِ ، ولا تَلْتَمِسُ في غيرِ مكتبتِهِ زادَها الفكريَّ والأدبيَّ والثّقافيَّ .

وبمضي الزمنُ ويغدو هذا الاستعبادُ القهريُّ ولاءً فكرياً وروحياً لمن كان لها بالأمسِ عَدُّواً ، لطولِ ما نَهَلَ أبناؤها من نَبْعِ أدبِهِ وفِكْرِهِ وانحصروا في فَلَكِهِ، لا يرون الدنيا إلاّ بعينِهِ، ولا يحسونَ طَعْمَ الحياةِ إلاّ بمذاقِهِ، ولا يَخْفِقُ وجدانَهُم إلا بِنَبضِهِ. وهم بِحُكْمِ ثِقافَتِهم العاليةِ يشغلون مراكزَ التوجيهِ والقيادةِ للرأيّ العامِ ، وعن طريقهِم يَتَسَلَّطُ الغزوُ الفكريُّ على الشعبِ الذي رَفَضَ وجودَ المُسْتَعْمِرِ.

وكثيراً ما يتصدَّون لمحاربةِ الذين صانوا لِسانَهُمْ القوميَّ واعتزوا بثقافَتِهِم الأصليةِ ، فيتصدعُ الكيانُ الوطنيُّ من أثَرِ الصِدامِ المريرِ بينَ دُعاةِ الأصالةِ يَتهِمون المتفرنجينِ بالمروقِ والعُقوق ِوالكُفْرِ، ودُعاةُ الثقافةِ الأجنبيةِ يتهمونَ خُصومَهُمْ بالرجعيةِ والجمودِ ، ويرونَ فيها هياكِلَ من حفرياتِ عصورٍ غابرةٍ .

بقلم : عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطىء)

السبت، 28 نوفمبر 2015

القراءة


مُقتطفات من كتاب ( العالم بيْن دفَّتي كتاب )
__ ___ ____ _____ _______ _______ _____
( إن الشَّعب الذي لا يقرأ لا يستطيع أن يعرف نفسه، و لا يستطيع أن يعرف غيره من الشعوب؛ فهو لذلك لا يستطيع أن يتآلف و يتحاب و يتلاقي، لأن الإنسان بطبعه عدو لما يجهل و كذلك الشعوب، إن الشَّعب الذي ترجوه كل أمُّة شعب يعرف نفسه و يعرف غيره، فيحب هذا الذي يعرفه، ويقوده الحب إلى العمل المُخلص الذي يعودُ عليه وعلى جيرانه بالفوائد العميمة)
( إن ما يميز الإنسان من الحيوان هو التفكير، و إن بعض الحيوان ليفكر بدرجة من الدرجات ولكن تفكير الإنسان أرقى، و هو يصعد في سلم الرقي بقفزات تعلو و تعلو أبدًا، و سبيل هذا الصعود هو أن يبني الخَلف على آثار السَلف مما لا يمكن أن يتم في عالم الحيوان، وإنما هو يتم في عالم الإنسان ليس غير، و لا يمكن لهذا البناء أن يتم إلا بوساطة الكتب، فالكتب هي التي تدُلنا على الدْرج الذي ارتقى إليه الأقدمون لنرقى نحنُ فيما بعد)
( إن رسالة الكتب ترمي إلى أهداف ثلاثة: اما الهدف الأول فهو أن تعلمنا ما لا نعلم، والهدف الثاني أن تُوحي إلينا بما نحتاج إليه من وحي، وأما الأخير فهو أن تسمو بمشاعرنا و مداركنا إلى ما يجب أن نسمو إليه من رفعةٍ و طُهْر )
( من أطرف ما أدخلت أمريكا في حياة القُرَّاء في بعض الأمم فكرة المكتبات المُتنقلة على عربات التي تصل إلى أماكن بعيدة وعديدة لتوصل الكتاب إلى يد القارئ حتى لا يجد مشقة في الوصول إليه)
___ ____ ____
تأليف الدكتورة : سُهير القلماوي

: اتَّقِ شَرَّ مَنْ أَحْسَنْتَ إِلَيْه

قصة طريفة : اتَّقِ شَرَّ مَنْ أَحْسَنْتَ إِلَيْهِ
_______________________
أبو الحسن عن أبي مريم قال :
كان عندنا بالمدينة رجلٌ قد كثُر عليه الدَّين حتَّى توارى من غرمائه ولزِم منزله فأتاه غريم له عليه شيءٌ يسير فتلطَّفَ حتَّى وصل إليه فقال له : ما تجعلُ لي إنْ أنا دللتك على حيلةٍ تصيرُ بها إلى الظهورِ والسَّلامةِ من غرمائك، قال : "أقضِيكَ حقَّك وأزيدُك ممَّا عندي ممَّا تقُّرُ به عينك فتوثَّق منه بالأيمان".
فقال له : " إذا كان غداً قبْلَ الصَّلاةِ مرْ خادمَك يكنُسْ بابَك وفِناءَك ويرشَّ ويبسُطْ على دكّانك حُصراً ويضَعْ لك متَّكأ ثمّ أمهِل حتى تصبَح و يمرَّ الناس ثمّ تجلس وكلُّ مَن يمرُّ عليك ويسلّم انبح له في وجهه ولا تزيدَنَّ على النُّباح أحداً كائناً مَن كان ومَنْ كلّمك من أهلِك أو خدمك أو من غيرهم أو غريمٍ أو غيره حتَّى تصير إلى الوالي فإذا كلَّمك فانبَحْ له وإيَّاك أن تَزيدَه أو غيرَه على النُّباح فإنَّ الواليَ إذا أيقَنَ أنَّ ذلك منك جِدٌّ لم يشُكَّ أنَّه قد عرَض لك عارض من مَسٍّ فيخلِّيَ عنك ولا يغري عليك .
قال : "ففعَل؛ فمرَّ به بعضُ جيرانه فسلّم عليه فنبَح في وجهه ثم مرَّ آخرُ ففعل مثلَ ذلك حتَّى تسامع غرماؤه فأتاه بعضُهم فسلّم عليه فلم يزِدْه على النُّباح ثمَّ آخرُ فتعلَّقوا به، فرفعوه إلى الوالي فسأله الوالي فلم يزدْه على النُّباح فرفَعه معهم إلى القاضي، فلم يزده على ذلك فأمَرَ بحبسه أيَّاماً وجعلَ عليه العيون وملَك نفْسَه، وجعَلَ لا ينطِق بحرفٍ سوى النُّباح، فلمَّا رأى القاضي ذلك أمرَ بإخراجه ووضعَ عليه العيونَ في منزله، وجعل لا ينطِق بحرفٍ إلاَّ النباحَ فلما تقرَّرَ ذلك عند القاضي أمر غرماءَه بالكفِّ عنه وقال : "هذا رجلٌ بِهِ لَمَم فمكث ما شاء اللهُ تعالى" .
ثمَّ إنَّ غريمَه الذي كان علّمه الحيلة أتاه متقاضياً لِعِدتِه فلمَّا كلمه جعل لا يزيدهُ على النُّباح فقال لَهُ : " ويلَكَ يا فلان وعليَّ أيضاً وأنا علَّمتك هذه الحيلة فجعل لا يزيدُه على النُّباح فلمَّا يئس منه انصرف يائساً مما يطالبه بِهِ" .
_________
من كتاب " الحيوان " للجاحظ.

الجمعة، 27 نوفمبر 2015

ألغاز فصحى

ألغاز فصحى:
1_ وجاريةٍ تجري وليس لها رجلُ........ وتحملُ كالأنثى وليس لها بَعْلُ
إذا شربتْ ماتتْ ومات جنينُها...........وإن عطشت عاشتْ وعاش لها الحمْلُ.

2_ ما اسمٌ إذا جَوَّدَه قائلُه....................كثُرُ من بيْن الوَرَى حامِلُهْ
أحْرُفُه ثلاثةٌ؛ ثُلْثُها...............................معجَمُ بحْرٍ لا يُرَى ساحِلُهْ
إذا حَذَفْت وَسطَهُ عامدًا...........................يصيرُ أمْراً مُبغَضًا فاعِلُهْ
والبحرُ قدْ ألْهَمَهُ رَبُّنا.............................عِلْمًا يَظُنُّ عُسْرَهُ جاهِلُهْ
مكّةَ معْ مدينة المصطفى .......................فهل فَهِمْت ما أنا قائلُهْ
والعلمُ مختصٌّ بالاسم الذي..............عنيتُ في اللغز، فمَنْ طائِلُهْ؟!

3_وما اسمٌ إنْ قَلَبْت وزِدْت حَرْفًا..........وَجَدْت الضِّدَّ للرَّجُلِ النَّحِيلِ
مِنَ الْحَيَوَانِ، وَهْوَ خَبِيرُ صَيْـدٍ..............وذُو مَكْرٍ، و ذُو جِسْمٍ طَوِيلِ
بِقَلْبِ حُرُوفِهِ يَـغْـدُو غِـذَاءً................يُضَافُ إِلَى الطَّعَامِ، بِلَا مَـثِيلِ
وإنْ أَتْـبَـعْت آخِرَهُ بِـمَـدٍّ......................غَدَا بَلَدًا، فَمَا هُوَ يَا خَـلِيلِي؟

الإجابة :

١_السفينة،إذا امتلأت بالماء غرقت.

٢_الشّعر : إذا جوده قائله، كثر بين الورى( الناس) .

٣_النمس: و هو حيوان لو قلبنا حروفه أصبح (سمن) يُضاف إلى الطعام، ولو زدناه الفاً أصبح (النمسا) ولو قلبناه و زدناه حرفا صار ضد الرجل النحيل (سمين).

رجل إمعة

رجل إمعة:
...........
1) قال (ابن منظور) في لسان العرب :
(أمَعَ) :
الإِمَّعةُ والإِمَّعُ، بكسر الهمزة وتشديد الميم: الذي لا رأْي له ولا عَزْم فهو يتابع كل أَحد على رأْيِه ولا يثبت على شيء، والهاء فيه للمبالغة.
.......
وفي الحديث: اغْدُ عالماً أَو مُتعلِّماً ولا تكن إِمَّعةً، ولا نظير إِلا رجل إِمَّرٌ، وهو الأَحمق؛ قال الأَزهري: وكذلك الإِمَّرةُ وهو الذي يوافق كل إنسان على ما يُريده.
قال الشاعر: لَقِيتُ شَيْخاً إِمَّعَهْ، سأَلتُه عَمّا مَعَهْ.
وروى عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، قال: كنا في الجاهلية نَعُدُّ الإمَّعةَ الذي يتْبَع الناسَ إِلى الطعام من غير أَن يُدْعى، وإِنَّ الإِمَّعةَ فيكم اليوم المْحْقِبُ الناسِ دِينَه؛ قال أَبو عبيد: والمعنى الأَوَّلُ يرجع إِلى هذا.
قال الليث: رجلُ إِمّعةٌ يقول لكل أَحد أَنا معك، ورجل إِمّع وإِمّعة للذي يكون لضَعْف رأْيه مع كل أَحد؛ ومنه قول ابن مسعود أَيضاً: لا يَكُونَنَّ أَحدُكم إِمَّعَةً، قيل: وما الإِمَّعَةُ؟ قال: الذي بقول أَنا مع الناس.
والدليل على أَنَّ الهمزة أَصل أَن (( إِفْعَلاً)) لا يكون في الصِّفات، وقول من قال امرأَة إِمَّعة غلط، لا يُقال للنساء ذلك.
وقد حكي عن أَبي عبيد: قد تأَمَّعَ واسْتَأْمَعَ.
والإِمّعَةُ المُتردّد في غير ما صَنْعة، والذي لا يَثْبُت إِخاؤه.
ورجال إِمّعون، ولا يجمع بالأَلف والتاء.
...................................................................
2) و يقول الميداني في كتابه ( مجمع الأمثال):
هو إمعة:
وكذلك " إمرة " وهما الرجل الضعيف الرأي الذي يقول لكل : أنا معك وفي الحديث " إذ وقع الناس في الشر فلا تكن إمعة " قالوا هو أن يقول : " إن هلك الناس هلكت؛ لا أثور في الشر" .
يُقال : " رجل إمع وإمعة". وقال ابن السراج : هو فعل لأنه لا يكون إفعل صفة قال : وقول من قال " امرأة إمعة " غلط لا يُقال للنساء ذلك [ ص 395 ] .

فن المقال

فنون أدبية :
اولاً: فن المقال.
.............
- قطعة نثرية قصيرة أو متوسطة، موحدة الفكرة، تعالج بعض القضايا الخاصة أو العامة، معالجة سريعة تستوفي انطباعا ذاتيا أو رأيا خاصا، ويبرز فيها العنصر الذاتي بروزا غالبا، يحكمها منطق البحث ومنهجه الذي يقوم على بناء الحقائق على مقدماتها، ويخلص إلى نتائجها.
- قطعة مؤلفة ، متوسطة الطول، وتكون عادة منثورة في أسلوب يمتاز بالسهولة والاستطراد، وتعالج موضوعا من الموضوعات على وجه الخصوص.
.............
تعريف النقاد العرب لفن المقالة:
- يقول الدكتور محمد يوسف نجم : المقالة قطعة نثرية محدودة في الطول والموضوع، تكتب بطريقة عفوية سريعة ،خالية من التكلف، وشرطها الأول أن تكون تعبيرا صادقا عن شخصية الكاتب.
- ويقول الدكتور محمد عوض: إن المقالة الأدبية تشعرك وأنت تطالعها أن الكاتب جالس معك، يتحدث إليك.. وأنه ماثل أمامك في كل فكرة وكل عبارة.
..................
نشأت المقالة الحديثة في الغرب، على يد مونتني( الفرنسي) في القرن السادس عشر، وكانت تتسم بطابع الذاتية، فقد كان يفيد من تجربته الذاتية في تناول الموضوعات التربوية والخلقية التي انصرف على معالجتها، فلقيت مقالاته رواجا في أوساط القراء؛ ثم برز في إنجلترا فرنسيس باكون في القرن السابع عشر فأفاد من تجربة مونتني، وطور تجربته الخاصة في ضوئها، ولكن عنصر الموضوعية كان أشد وضوحا في مقالاته، مع الميل إلى الموضوعات الخلقية والاجتماعية المركزة، وفي القرن الثامن عشر بدت المقالة نوعا أدبيا قائما بذاته، يتناول فيه الكتاب مظاهر الحياة في مجتمعهم بالنقد والتحليل وقد أعان تطور الصحافة على تطوير هذا العنصر الأدبي، وبرز فيه عنصر جديد وهو عنصر السخرية والفكاهة ، وإن كانت الرغبة في الإصلاح هي الغاية الأساسية لهذا الفن الجديد، وفي القرن التاسع عشر ، اتسع نطاق المقالة.
...........
اولاً: هل عرَف الأدب العربي القديم فن المقالة أو لا؟
يقول د. إبراهيم عوض :
"هناك رأيان:
رأي من يقول: إن المقال هو من الفنون التي لم يعرفها العرب قديمًا، وعلى هذا الرأي الدكتور شوقي ضيف مثلاً الذي يقول في كتابه: (الأدب العربي في مصر)
"المقالة قالب قصير قلما تجاوز نهرًا أو نهرين في الصحيفة، ولم يكن العرب يعرفون هذا القالب، إنما عرفوا قالبًا أطول منه يأخذ شكل كتاب صغير، وهم يسمونه: "الرسالة"، مثل رسائل الجاحظ، ولم ينشئوه من تلقاء أنفسهم، بل أخذوه عن اليونان والفرس، ورأوا فيها بعض الموضوعات الأدبية التي خاطبوا بها الطبقة المتميزة من المثقفين في عصورهم، أما المقالة فقد أخذناها عن الغربيين، وقد أنشأتها عندهم ضرورات الحياة العصرية والصحفية، فهي لا تخاطب طبقةً رفيعةً في الأمة، وإنما تخاطب طبقات الأمة على اختلافها، وهي لذلك لا تتعمق في التفكير؛ حتى تَفهمها الطبقات الدنيا، وهي أيضًا لا تلتمس الزخرف اللفظي؛ حتى تكون قريبةً من الشعب وذوقه الذي لا يتكلَّف الزينة، والذي يؤثر البساطة والجمال الفطري".
رأي يقول إن الأدب العربي قديماً عرف فن المقالة ؛ ومنهم المستشرق البريطاني روجر ألن؛ إذ وصف الجاحظ - ضمن ما وصَفه في الفصل الصغير الذي عقده له في كتابه: "An Introduction to Arabic Literature" - بأنه كاتب مقالات، وبطبيعة الحال فإن في أدبنا القديم كثيرين كالجاحظ يمكن وصْفهم بأنهم كُتاب مقالات أيضًا.

إذن فالمشكلة هي أن أجدادنا العرب لم يَعرفوا فن الصحافة كما نعرفه الآن؛ لأن المطبعة لم تكن قد وجدت بعدُ على أيامهم، فلم يكتبوا المقالة بشكلها الصحفي المعروف، ولم يستخدموا مصطلحها الذي نستخدمه نحن الآن، لكن هذا لا يمنع أن يكون كثير.
فرُواد المقالة العرب في العصر الحديث، لم يروا في "المقالة" فنًّا أدبيًّا جديدًا، ومن هنا وجدناهم يسمونها: "نبذة" أو"جملة" أو"فصلاً" أو"رسالة أدبية"، وهذه كلها مصطلحات قديمة كانت تسمى بها الكتابات التي قلنا: إنها كانت تناظر عند العرب القدامى ما نطلق عليه اليوم: "المقالة"

..........
ثانياً: المقالة والصحافة:
.....................
- يتصل تاريخ المقالة العربية الحديثة اتصالا وثيقا بتاريخ الصحافة في الشرق الأوسط، فهو يرجع إلى تاريخ غزو نابليون للشرق ووجود المطابع الحديثة، وقد ظلت الصحافة لفترة طويلة تحتفظ بطريقة المقال الافتتاحي للجريدة والذي كان يدور في الغالب حول الموقف السياسي وما يعرض فيه من الأحوال والتقلبات، وقد ظهر المقال الأدبي إلى جانب المقال الصحفي.
..........
و توضح د. سوسن رجب أن هناك اختلافاً بين المقال الأدبي و المقال الصُحفي؛ فالمقال الصُحفي يتناول المشكلات القائمة والقضايا العارضة من الناحية السياسية، أما المقال الأدبي فيعرض لمشكلات الأدب والفن والتاريخ والاجتماع.
و تذكر بعض الأسماء التي استطاعت إجادة الكتابة في النوعين من المقالات، المقالة الصحفية والمقالة الأدبية، ومنهم: عباس محمود العقاد، والدكتور حسين هيكل، والدكتور طه حسين.
بينما كتابات ميخائيل نعيمة، وجبران خليل جبران، ومي زيادة، وعبد العزيز البشري فهي مقالات أدبية خالصة.
........
و تذكر د. سوسن رجب بعض خصائص المقالة الحديثة:
1- أنها تعبير عن وجهة النظر الشخصية، وهذه الميزة هي التي تميزها عن باقي ضروب الكتابات النثرية.
2- الإيجاز، والبعد عن التفصيلات المملة، مع إنماء الفكرة وتحديد الهدف.
3- حُسن الاستهلال وبراعة المقطع.
4- إمتاع القارئ ، وإذا ما انحرفت عن هذه الخاصية أصبحت أي لون آخر من ألوان الأدب وليست بفن مقالة.
5_ الحرية والانطلاق.
الوحدة والتماسك والتدرج في الانتقال من خاطرة إلى خاطرة أخرى من الخواطر التي تتجمع حول موضوع المقال.

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2015

فكاهة مؤلمة

اشتهر الجاحظ بدمامة منظره رغم ما وصل إليه من شهرة أدبية واسعة في العصر العباسي،  فكان جاحظ العينين بارزهما،  قصير القامة، ولكنه رغم ذلك كان حسن العشرة،  خفيف الروح،  يتهافت عليه الناس للاستمتاع بنوادره و أدبه،  وقد قال عن نفسه:

"ما أخجلني إلا امرأتان: رأيت إحداهما في العسكر،  وكانت طويلة القامة،  وكنت على طعام،  فأردت أن أمازحها،  فقلت لها: "انزلي كُلي معنا"
فقالت: "اصعد أنت حتى ترى الدنيا.".
و أما الأخرى فإنها أتتني،  و أنا على باب داري،  فقالت: لي إليك حاجة و أنا أريد أن تمشي معي...
فقمت معها إلى أن أتت بي إلى صائغ يهودي،  فقالت له: " مثل هذا " وانصرفت.
فسألت الصائغ عن قولها..فقال لي: " إنها أتت إلي بفصّ و أمرتني أن أنقش عليه صورة شيطان،  فقلت يا سيدتي،  ما رأيت الشيطان. فأتت بك "