الأربعاء، 2 ديسمبر 2015

(إن غداً لناظره قريب)

قصة المثل العربي :(إن غداً لناظره قريب)
.......................................................
معنى المثل :
((لمنتظره يُقال نظرته أي انتظرته ))
....................................................
قال الميداني في كتابه (مُجمع الأمثال ):
"أول من قال ذلك قراد بن أجدع و ذلك أن النعمان بن المنذر خرج يتصيد على فرسه اليحموم ،فأجراه على أثر عير فذهب به الفرس في الأرض ،ولم يقدر عليه ،وانفرد عن أصحابه ،وأخذته السماء ،فطلب ملجأ يلجأ إليه ،فدفع إلى بناء فإذا فيه رجل من طيء .
يُقال له ((حنظلة)) ومعه امرأة له .
فقال لهما :"هل من مأوى"
فقال حنظلة:" نعم ".
فخرج إليه فأنزله ،ولم يكن للطائي غير شاة ،وهو لا يعرف النعمان .
فقال لامرأته :"أرى رجلا ذا هيئة وما أخلقه أن يكون شريفا خطيرا فما الحيلة؟"
قالت :"عندي شيء من طحين كنت ادخرته فاذبح الشاة لأتخذ من الطحين ملة".
فأخرجت المرأة الدقيق فخبزت منه ملة ،وقام الطائي إلى شاته فاحتلبها ثم ذبحها فاتخذ من لحمها مرقة مضيرة ،وأطعمه من لحمها وسقاه من لبنها واحتال له شرابا فسقاه ، وجعل يحدثه بقية ليلته .
فلما أصبح النعمان لبس ثيابه وركب فرسه ثم قال :
"يا أخا طيء اطلب ثوابك أنا الملك النعمان".
قال :"أفعل إن شاء الله ".
ثم لحق الخيل فمضى نحو الحيرة ومكث الطائي بعد ذلك زمانا حتى أصابته نكبة وجهد وساءت حاله، فقالت له امرأته:
" لو أتيت الملك لأحسن إليك ".
فأقبل حتى انتهى إلى الحيرة فوافق يوم بؤس النعمان ((كان للنعمان يومان يوم للنعيم يكرم فيه من يلقاه ويوم البؤس يقتل فيه من يلقاه )).
فلما نظر إليه النعمان عرفه وساءه مكانه فوقف الطائي المنزول به بين يدي النعمان .
فقال له:" أنت الطائي المنزول به".
قال:" نعم".
قال:" أفلا جئت في غير هذا اليوم".
قال :"أبيت اللعن وما كان علمي بهذا اليوم ".
قال :"والله لو سنح لي في هذا اليوم قابوس ابني لم أجد بدا من قتله فاطلب حاجتك من الدنيا وسل ما بدا لك فإنك مقتول".
قال :"أبيت اللعن وما أصنع بالدنيا بعد نفسي".
قال النعمان :"إنه لا سبيل إليها".
قال :"فإن كان لا بد فأجلني حتى ألم بأهلي فأوصي إليهم وأهيء حالهم ثم أنصرف إليك ".
قال النعمان :"فأقم لي كفيلا بموافاتك ".
فالتفت الطائي إلى شُريك بن عمرو بن قيس من بني شيبان وكان يكنى أبا الحوفزان وكان صاحب الردافة وهو واقف بجنب النعمان.
فقال له :"يا شريكا يا ابن عمرو هل من الموت محالة؟! يا أخا كل مضاف يا أخا من لا أخا له يا أخا النعمان فك اليوم ضيفا قد أتى له طالما عالج كرب الموت لا ينعم باله".
فأبى شريك أن يتكفل به فوثب إليه رجل من كلب ،يُقال له ((قراد بن أجدع ))
فقال للنعمان :"أبيت اللعن هو علي".
قال النعمان:" أفعلت؟!"
قال :"نعم ".
فضمنه إياه ثم أمر للطائي بخمسمائة ناقة فمضى الطائي إلى أهله وجعل الأجل حولا من يومه ذلك إلى مثل ذلك اليوم فلما حال عليه الحول وبقي من الأجل يوم .
:"قال النعمان لقراد ما أراك إلا هالكا غدا ".
فقال قراد:" فإن يك صدر هذا اليوم ولى((مضى)) فإن غدا لناظره قريب!!"
فلما أصبح النعمان ركب في خيله ورجله متسلحا كما كان يفعل حتى أتى الغريين فوقف بينهما وأخرج معه قرادا وأمر بقتله،
فقال له وزراؤه :" ليس لك أن تقتله حتى يستوفي يومه"
فتركه وكان النعمان يشتهي أن يقتل قرادا ليفلت الطائي من القتل فلما كادت الشمس تجب ،وقراد قائم مجرد في إزار على النطع والسياف إلى جنبه أقبلت امرأته وهي تقول:
أيا عين بكى لي قراد بن أجدعا..... .......رهينا لقتل لا رهينا مودعا
أتته المنايا بغتة دون قومه فأمسى........ أسيرا حاضر البيت أضرعا
فبينما اهم كذلك إذ رفع لهم شخص من بعيد، وقد أمر النعمان بقتل قراد فقيل له:" ليس لك أن تقتله حتى يأتيك الشخص فتعلم من هو".
فكف حتى انتهى إليهم الرجل فإذا هو الطائي، فلما نظر إليه النعمان شق عليه مجيئه .
فقال له:" ما حملك على الرجوع بعد إفلاتك من القتل".
قال:" الوفاء".
قال:" وما دعاك إلى الوفاء؟!!".
قال :"ديني "
قال النعمان :"وما دينك؟"
قال:" النصرانية"
قال النعمان:" فاعرضها عليّ".
فعرضها عليه فتنّصر النعمان وأهل الحيرة أجمعون وكان قبل ذلك على دين العرب (الشرك) فترك القتل منذ ذلك اليوم وأبطل تلك السنة وأمر بهدم الغريي وعفا عن قراد والطائي وقال والله ما أدري أيها أوفى وأكرم أهذا الذي نجا من القتل فعاد أم هذا الذي ضمنه .
-----------------------------
هذا المثل نموذج للوفاء بالوعود و نموذج للثقة و نموذج للدعوة إلى الأديان من خلال التعامل الحسن مع الأخرين .

ليست هناك تعليقات: